ريادة الأعمال من رعاية الأغنام
بدأ مفهوم ريادة الأعمال يغزو كل المجالات التجارية، واضع بصمة لهؤلاء الرواد في الأعمال التي يقومون بها، لتطور بأعمالهم والارتقاء بها إلى مجالات أعلى وآفاق أوسع، فأصبح جليا وأمر مهماً في جميع أطر المال والأعمال.
وإذا تحدثنا عن ريادة الاعمال ومفهوم رائد الأعمال: رائد الأعمال هو مالك أو مدير مشروع، يدرّ المال عن طريق الخوض بالمخاطرة والإبتكار، ويصبح روّاد الأعمال روّاداً لعدة أسباب، الكثير منها يعود لطبيعة الشخص نفسه، ومنها: التخلص من خلافات مكان العمل، واستغلالهم من قبل أرباب عملهم، أو رغبتهم بأن يصبحوا أسياد أنفسهم. وإذا فسرنا معنى رائد في المعجم: هو من يتقدم القوم يبصر لهم الكلاء ومساقط الغيث،وهو قائد وفي تفسير اخر : أول من ينطلق في مشروع ويقتحم ميدان عمل، ويشق طريق التقدم ممهد السبيل للآخرين.
وفي العالم هناك الكثير من رواد الأعمال، ولكن ما نحن في صدد الحديث عنه، هو شخصية من القلة الذين أعادوا رعي الأغنام من هواية الى مهنة، كما كانت في قديم الزمان، بل واطفي عليها ريادة الأعمال، والتي تعتبر من أقدم المهن منذ الخليقة، ولم تكن في يوم مهنة عادية بل مهنة كل الأنبياء على الإطلاق، فقد كان آدم عليه السلام أبو البشر أول راع للغنم على وجه البسيطة، وباقي الانبياء الي سيدنا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم يقول الرسول الأكرم : « مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا الَّارَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّة»
ولا نستطيع أن نتحدث عن الريادة في هذا المجال إلا ونأتي على ذكر هذا النموذج البارز والرائد لشخصية أصبحت ملهمة للشباب، ومن يخطو خطواته الأولى في طريق تحقيق طموحاته، حيث ان إنجازاته مشهودة للعيان، فلقد وضع مفهوم جديد لريادة الأعمال في تربية الأغنام، حلياً لكل الشباب المقبل على العمل الخاص، أن يحذوا حذوه ويأخذوا من عمله مسلك لطرق فريدة، وقمم بعيدة، يطرقون بها أبواب جديدة من أبواب ريادة الأعمال، وهو رائد الأعمال/ بجاد العجمي حيث أنه من أوائل من وضع اللبنة لإعادة هذا الموروث، والارتقاء به إلى مجالات أعلى، في العمل الحر وريادة الأعمال، فمن يندبون الحظ بعدم وجود وظيفة مناسبة لهم، تدر عليهم راتب لربما ضئيل ولا يفي بطموحهم، فنقول لهم انظروا إلى بجاد وغيره ممن اتجهوا إلى الريادة، وانتهجوا نهج التطور في هذه المهنة، وإن أبا محسن ضرب مثل لجيل من الشباب، المقدم على العمل بتوجهه هذا بأن الوظيفة ليست كل شيء، وليست هي الطموح بحد ذاته، بل تنمية الهواية والارتقاء بها إلى مجالات احترافية، وأكثر مهنية، تكتنفها الدراسات الميدانية، لأحوال السوق والماشية، في ظل انفتاح الأسواق بنظام العرض والطلب
لقد كان من نعومة أظفاره مولعاً بتربية الأغنام، وإني لأتذكر كيف كنا نرافق جدنا
-رحمة الله عليه- إلى العزبة، ونساعد الرعاة في وضع علفها قبل عودتها من المرعى، كنا نتعب سريعاً ونتململ ونضجر، الا هو جاهداً مجتهداً، بلا كلل أو ملل، لسبب بسيط جداً انها هوايته المحببة، وحبه لهذه الهواية لم تفارقه حتى في سنين دراسته وتحصيله العلمي والأكاديمي، كان يراقبها بكثب وكأنه يخطط كيف ينميها ويتصدر فيها، قليلون هم من يتركوا أعمالهم في سبيل هواياتهم، كنت اتفكر عندما أرى شخص يترك مهنته كان طبيب، مهندس، محامي وهي ليست وظائف عادية، بل مهن مرموقة في المجتمع، ومطلوبة في سوق العمل، والذي تعب في تحصيلها العلمي، وسهر على دراستها سنين عديدة، ولكن عندها اتذكر هذا البجاد، وكيف أنه أخذ من هوايته عمل واصل لريادة الأعمال، فاكتشف أنه ما ترك عمل إلا لعمل ينجز به، ويتميز به، بل ويبدع فيه، ويرتقي به هنا فقط أدركت فاستذكرت بيت الامير خالد الفيصل حين قال:
كل رجل في حياته له ميول
والهواية تمتلك رجالها
كانت مهنة، ثم مع توالي الأزمنة تراجعت إلى هواية، ولكن بمجهود بجاد ومن على نهجه ومنهجه، رجعة كمهنة وعودة للارتقاء بهذه المهنة، وإعطائها بعض من حقها المهضوم، وإضفاء صبغة ريادة الأعمال عليها بتطوير هذا الحلال، وتحسين نسله وجعله كمهنة جالبة، وليست طاردة للكثير من الشباب المقبل، الذي يطالب بعمل مربح وتجارة ان شاء الله لا تكسد، في ظل الحاجة الملحة إلى الثروة الحيوانية، كامورد غذائي مهم، فيجب الالتفات إلى هذه المهنة بعيون مبصرة، وعقول نيرة، لأنها تمثل مصدر رئيسي، وسلة مهمة من سلال الغذاء لشعوب المنطقة.✍️